أ.د. وليد الدالي المشرف على التعليم العالي الأهلي لـ "الاقتصادية" :«التعليم العالي» تدرس الترخيص لـ 120 جامعة أهلية د. وليد الدالي
حوار: حبيب الشمري
كشف الأستاذ الدكتور وليد بن عبد الرزاق الدالي المشرف العام على التعليم العالي الأهلي في وزارة التعليم العالي، عن أن الوزارة تدرس حاليا أكثر من 120 طلبا لتأسيس جامعات وكليات أهلية في مختلف المناطق، مبينا أن هناك إقبالا من قبل المستثمرين، في الوقت الذي شدد فيه على تمسك الوزارة بقضية جودة التعليم وتوافق مخرجات هذه الجامعات والكليات مع سوق العمل.
وقال الدالي في حوار مع ''الاقتصادية'' إن خطة التنمية التاسعة تستهدف إسهام القطاع الأهلي بـ 30 في المائة، وهذا يعني أن هناك حاجة للتوسع المدروس والمقنن في هذا القطاع، مع ضرورة التنسيق المستمر بين الجامعات الأهلية والحكومية في موضوع التخصصات بحيث تطرح الجامعات الأهلية تخصصات غير موجودة في جامعات الحكومة.
ونوّه الدالي بقرار مجلس الوزراء بتحمل الدولة 50 في المائة من أعداد طلاب الجامعات والكليات الأهلية المستجدين، مبينا أنه يعكس اهتمام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، والنائب الثاني.
وأبان المشرف العام على التعليم العالي الأهلي في وزارة التعليم العالي، أن المنح الحكومية ستخصص للأبرز والأكثر تفوقا وهو ما يعد تشجيعا لهم ودعما قويا للجامعات الأهلية.
لكن الدالي نصح الجامعات بعدم الاعتماد الكلي على المنح الحكومية لأنها يمكن أن تتوقف في يوم ما وقال ''على الجامعات أن تعتمد على نفسها في الموارد المالية من خلال الخطط المدروسة، ورفع الجودة التي ستنعكس على جاذبية الجامعة، والعمل مع القطاع الخاص في حجز مقاعد دراسية بشكل مسبق.
وحول مقترح إنشاء مدينة جامعية للقطاع الأهلي يتولى إنشاءها القطاع الخاص وتؤجر للجامعات بعقود طويلة الأمد، قال الدالي إن هذا المقترح يمكن أن يدرس، خاصة أنه يوفر على الجامعات بحيث يمكنها من استخدام منشآت مشتركة. هنا نص الحوار:
كيف ترى د. وليد الدالي مراحل نمو وتطوير التعليم العالي الأهلي سواء على صعيد الجامعات أو الكليات؟
أهلا بكم، نحن لو عدنا إلى الوراء قليلا لوجدنا أن تاريخ إنشاء إدارة التعليم الأهلي في الوزارة يعود إلى أكثر من عشرة أعوام وتحديدا في عام 1419هـ، بيد أن بدايتها الفعلية كانت بعد ذلك بعامين عند صدور اللوائح والأنظمة، ثم تطور الأمر تباعا من خلال اهتمام الدولة المستمر بهذا القطاع.
وكما تعرف ويعرف القارئ الكريم أن النظام يمنح للمؤسسة التعليمية لقب الجامعة بضوابط من بينها: أن تشتمل على ثلاث كليات على الأقل في مقر واحد، وأن يوجد نظام أساسي للجامعة، وأن تتوافر على المساحات المطلوبة بمعدل 40 ألف متر مربع لكل كلية حسب لوائح الكليات الأهلية.
والآن تبذل وزارة التعليم العالي جهوداً غير مسبوقة للرقي بمستوى التعليم العالي في جميع أنحاء الوطن حتى بات يُنظر إلى التعليم العالي على أنه نموذج حي للتنمية المتوازنة، ولم تغفل وزارة التعليم أهمية مساهمة القطاع الأهلي في هذا الجانب انطلاقاً من خطة التنمية السادسة.
الآن – ولله الحمد لدينا أكثر من 28 جامعة وكلية، وندرس طلبات تراخيص تصل إلى 120 جامعة وكلية جديدة.
ونحن لا ننظر للعدد، بل إلى طبيعة حاجة البلد إلى الكوادر والتخصصات ونوعية المخرجات التي تنافس في سوق العمل وتحقق متطلبات التنمية.
كيف ترى التوزيع المكاني للجامعات والكليات الأهلية .. هناك مخاوف من التكدس الذي يؤثر في هذا الاستثمار؟
نحن في الإدارة لدينا خطة لتوزيع التعليم العالي الأهلي في المملكة، هناك مثلاً منطقة صغيرة لكن بها كلية أهلية، وتجد دعماً كبيراً من المستثمرين في تلك المناطق، وأغلبهم لا يهمهم العائد المادي بقدر ما يهمهم خدمة مناطقهم، وأبها أيضاً فيها كلية أهلية، وهناك تراخيص لكليات أهلية في الجوف وطريف والقصيم، فانتشار الجامعات والكليات الأهلية متوازن جغرافياً، وهذا ولله الحمد نجاح كبير، والآن ندرس وضع التخصصات في هذه المؤسسات بشكل أعمق لضمان أن تكون التخصصات بحسب احتياج السوق حتى تخدم التنمية والمستثمر والمنطقة والطلاب.
وإضافة إلى دراسات المستثمرين نحن ننصحهم دائما بالأماكن التي تحتاج إلى هذا التخصص أو ذلك، كما نعمل على التنسيق مع الجامعات الحكومية الموجود في المنطقة.
هناك من يعتقد بوجود ما يشبه الانفجار في التعليم العالي الأهلي .. ألا تتخوفون من تأثير ذلك؟
لا نعتقد ذلك، الأهم هي الحاجة وتلبية احتياجاتنا المحلية .. خطة التنمية التي اعتمدها مجلس الوزراء أخيرا تشير إلى أنه بنهاية الخطة يجب أن يشكل التعليم الأهلي العالي 30 في المائة من حجم سوق التعليم العالي بشكل عام، الآن لا نتجاوز 10 في المائة أو أقل. هذا يعني أن المشوار لا يزال طويلا، ويحتاج إلى كثير من العمل.
وكما قلت إن لدينا تراخيص تفوق 120 طلبا، ندرس هذه الطلبات وننظر أين الحاجة وماذا تحتاج السوق، وما مدى تطبيق الاشتراطات واللوائح؟
من يتجاوز هذا الأمر يرخص له، ويسهم في هذا القطاع مثل بقية زملائه.
وللعلم فإن الاستثمار في هذا القطاع طويل أمد ويحتاج إلى صبر وسنوات طويلة لتحقيق عائد. ونحن نحرص أن يكون لدى المؤسسين النظرة الأكاديمية وليس التجارية.
لكن يبدو أن هناك مشكلة تعارض أو تضارب في خطط الجامعات الحكومية والأهلية؟
التوسع الذي حدث في الجامعات الحكومية كان مدروسا بحيث يغطي مختلف المناطق نظرا للحاجة الماسة لها ولمخرجاتها .. في الوقت ذاته وزارة التعليم العالي تشرف على القطاعين الحكومي والأهلي وهذا يعطيها فرصة للتنسيق المستمر والمثمر، لا نعتقد أن هناك ازدواجية إذ عمل وفق تنسيق مسبق.
بل على العكس نرى أن الجامعات الأهلية لديها فرصة ممتازة لأنها تتمتع بمرونة أكبر على المستويات كافة.
كما أن هناك تخصصات غير مدرجة في الجامعات الحكومية مثل بعض تخصصات الإدارة المالية، التأمين، الجودة وغيرها.
والآن الجامعات الأهلية بدأت تبرز بشكل لافت وأستطيع أن أقول إنه خلال العامين الماضيين أصبحت مقصد المتفوقين.
والآن خريجو الجامعات الأهلية يحظون بمتابعة من قبل القطاع الخاص وهناك مَن يضمن وظيفته منذ السنة الثالثة وتوقع معهم العقود.
أحد فعاليات وزارة التعليم العالي الخاصة بالجامعات.
هل صحيح أن المنح الدراسية الداخلية أصبحت طوق نجاة لبعض الكليات والجامعات الأهلية وأنها كادت تغلق أبوابها؟
إلى حد ما .. هذا حدث مع بعض الكليات خاصة في المحافظات وليس في المدن الكبيرة، وأنا أرى الأمر من جانب آخر، المنح ستساعد الجامعات والكليات دون شك وهذا أمر إيجابي يعود على الطلاب والجامعات، وبالتالي فإن من شأن الجامعات أن تعمل على توسيع قاعدتها الاستثمارية وفق اللوائح لضمان استمرار عملها.
من هذا مثلا الأوقاف، التبرعات، الأبحاث، وغيرها من الموارد المالية المهمة. أتفق معك أن المنح الآن ستجنبن المشكلة مؤقتا، لكن بعد فترة وعندما ينتهي وقت القرار الذي حدد بعدد سنوات محددة، يجب أن تعمل الجامعات على الوقوف على أرجلها دون مساعدة.
إذا كيف ترون الاستثمار في هذا القطاع؟
الاستثمار في الكليات والجامعات الأهلية يتطلب شروطاً لا بد من تحقيقها، لأن تحقق هذه الشروط في المستثمر والكلية سيضمن لها النجاح، ومن هذه الشروط: دراسات الجدوى، والدعم المالي من وزارة المالية من خلال تقديم قرض لإنهاء الإجراءات الإنشائية، والدعم المعنوي من وزارة التعليم العالي، ودعم وزارة الشؤون البلدية والقروية من خلال حصولها على قطعة أرض. بعد ذلك تقوم وزارة التعليم العالي بمتابعة تقييم المناهج وتحكيمها والتأكد من مواكبة هذه المناهج المعايير المحلية والدولية، والعامل الأساسي في نجاح هذه المشروعات هو الدعم اللا محدود من وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، الذي يوصي دائماً بالاهتمام بمؤسسات القطاع الخاص وبسرعة إنجاز معاملاتها، إضافة إلى الجهود التي يبذلها الزملاء في الوزارة.
يطرح البعض أهمية إنشاء مدينة جامعية أهلية بحيث يمنح مستثمر ما قطعة أرض حكومية يستأجرها لمدة طويلة ويقوم بالبناء عليها وتأجيرها للجامعات؟
نعم، هذا المقترح يمكن أن يدرس، وتعرف من ضمن اللوائح أن شرط ملكية أرض الجامعة يسقط في حال توقيع عقد طويل المدى مع جهة حكومية لاستئجار الأرض. أعتقد أن فكرة مدينة جامعية للقطاع الأهلي يستثمر فيها القطاع الخاص ويؤجر فيه فائدة لجميع الأطراف، الدولة التي أجرت الأرض، والمستثمر الذي استثمر في البناء على هذه الأرض، والجامعة التي وفر عليها مبالغ كبيرة ووفر لها خدمات مناسبة ووفق متطلبات الوزارة.
كيف ترى تأثير المنح الحكومية في الجامعات والكليات الأهلية؟
مهم للغاية .. ومن أجل دعم المؤسسات التعليمية الأهلية صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين أخيرا على برنامج المنح الدراسية للطلاب تشجيعاً للطلبة المتفوقين دراسيا في الكليات والجامعات الأهلية. وتعرف أن الدولة ستتحمل وفق القرار الجديد تكاليف 50 في المائة من المستجدين، وهذا تطور كبير، في السابق كان العدد محدودا، لكن الآن مفتوح حسب الرقم الذي يتقدم للجامعات والكليات الأهلية. أيضا رفعنا سقف تكلفة المنحة بحيث تغطي التخصصات كافة، ونحرص على ألا يحمّل الطالب أي مطالب إضافية. وهذا يعطي الأمر أقصد المنح انطباعاً بأن الجامعات الأهلية لا تستقطب إلا المتميزين والحاصلين على معدلات عالية، علماً بأن القبول يقفل في بعض الجامعات الأهلية قبل الجامعات الحكومية، وهذا دليل على تميزها وعلى سمعتها الطيبة، وبرنامج المنح الدراسية ما وجد إلا من أجل دعم هذه الجامعات.
د. وليد الدالي يتحدث للزميل حبيب الشمري. تصوير: خالد المصري : «الاقتصادية»
لكن هناك ملاحظات على توقيت التسجيل للمنح؟
الحاصلون على المعدلات العالية سيقبلون في برنامج المنح، ويوجد بيننا وبين الجامعات والكليات الأهلية تنسيق بهذا الشأن، خصوصًا أصحاب المعدلات العالية والقدرات.
لكننا لا نستطيع أن ندفع قيمة المنحة منذ البداية، لأن الطالب من الممكن ألا يستمر، وقد يتراجع بعد أسبوع من تسجيله مثلاً، ويمكن أن يحصل على فرصة ثانية في جامعة حكومية فينتقل إليها، فنخسر بذلك مقعداً، فنحن ننتظر فترة ثم يتم تقديم المنحة بعد أن نضمن استمرارية الطالب في هذه الجامعة.
وطلاب العام الماضي الذين حصلوا على منح واستمروا في تحقيق معدلات عالية دفعت مستحقاتهم قبل الدراسة، لكننا نتأخر في الدفع للطلبة المستجدين حتى نضمن استمراريتهم.
وإدارتنا تعلن حالة الطوارئ من أجل المنح وتؤجل أعمالها اليومية في تلك الفترة حتى نستطيع تسريع إنهاء إجراءات التدقيق ومتابعة المعدلات ومنح الشيكات، إضافة إلى أن هناك فريقاً آخر يتابع وزارة المالية للحصول على الشيكات وإيداعها في الحسابات.
في رأيك ما المطلوب لكي تستمر الجامعات الأهلية في التميُّز؟
أعتقد من المهم جدا أن تهتم الجامعات بالمناهج الدراسية حتى ترتقى لمستوى يضاهي المستوى العالمي، ولا بد أن تحصل على الاعتماد الأكاديمي والمؤسسي محلياً ودولياً كاعتراف بمكانتها الدولية والمحلية، وإنشاء برامج للدراسات العليا، وأن تكون للجامعات مراكز بحث، فمن أهم المقاييس التي تقوم على أساسها أي جامعة عالمية هو عدد الأبحاث التي تُنجزها. ونحن الأن مهتمون بالأمور التعليمية أكثر، وقريبا سنمكن الجامعات الأهلية من الدخول في مجال الأبحاث لكن بشروط صارمة وحسب الخطة التي نعمل عليها.
الزمتم كليات الطب بمستشفيات جامعية لماذا؟
نعم الزمناهالمصلحة الطلاب بحيث يحصلون على تدريب عال.. الآن ثلاث لديها مستشفيات والرابعة تعاقدت مع مستشفى خاص.
كيف ترى أهمية الاعتمادات العالمية للجامعات والكليات الأهلية؟
نحن نسعى لأن يكون هناك اعتماد برامجي ومؤسسي من الهيئة الوطنية للاعتماد الأكاديمي، فإذا حصلت الجامعة الأهلية على هذا الاعتماد وأرادت أن تواصل مسيرتها للحصول على الاعتماد الأكاديمي عالمياً، فالوزارة لن تبخل عليها بالدعم.
.. وماذا عن برامج الجودة في الجامعات الأهلية؟
في الغالب يتم تقسيم الاعتماد إلى قسمين: الأول: الاعتماد للتأهيل للمنح الدراسية، فهذه الكليات والجامعات ما لم تحصل على هذا التأهيل لن تحصل على المنح الدراسية، وهناك ضغط شديد على الكليات ومتابعة دقيقة لها حتى تترقى للحصول على التأهيل. والقسم الثاني: هو الاعتماد النهائي؛ أي الاعتماد المؤسسي والبرامجي ويمنح من قبل الهيئة الوطنية بتنسيق بينها وبين المستثمرين والوزارة، ونحن لا نرضى أبدا إلا بالجودة، وأن تكون مخرجات التعليم ذات مستوى عال، وهذا شرطنا الأساسي. وشعارنا في هذه الإدارة (نحن شركاء في الجامعات والكليات الأهلية)، لسنا قياديين ولا تنفيذيين بل نحن شركاء.
الضيف في سطور:
وليد بن عبد الرزاق الدالي المشرف العام على التعليم العالي الأهلي في وزارة التعليم العالي، وهو أستاذ التأهيل الطبي لأمراض وجراحة العظام في جامعة الملك سعود.
حاصل على جائزة وسام الاتحاد العربي للعلاج الطبيعي.
حصل على درجة البكالوريوس كلية العلوم الطبية بجامعة الملك سعود عام 1408هـ، ثم عُين إخصائياً في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لمدة ثلاث سنوات، انتقل بعدها إلى وظيفة معيد في جامعة الملك سعود.
ابتعث للدراسة في الولايات المتحدة وبريطانيا وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في علوم التأهيل.
عمل أستاذاً مساعداً في كلية العلوم الطبية.
تمت ترقيته إلى أستاذ مشارك ثم إلى أستاذ.
عمل مستشاراً لوزير الداخلية أميناً عاماً للتعاون الدولي للإغاثة.
رئيس الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية.
رئيس الجمعية السعودية للعلاج الطبيعي